السبت، 17 ديسمبر 2011

"الرحمن ،الرحيم" (1)




(الرحمن الرحيم)
ما أعظم هذين الاسمين اللذين نرى آثارهما في كل ما حولنا، و بينهما فرق لطيف ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد (1/14) حين جعل الرحمن دالا على صفة ذاتية، والرحيم دالا على صفة فعلية ، فـ (( الرحمن )) دالٌ على الصفةِ القائمة به سبحانه، و(( الرحيم )) دال على تعلقها بالمرحوم، وإذا أردت فهم هذا فتأمل قول الله تبارك وتعالى : " إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً " ولم يجيء قط "رحمن بهم".
"المتميزة
***********************
هل تأملت في رحمة الله حولك، كم هي آثار رحمته عظيمة، إلا إن رحمته في الآخرة أوسع من رحمته في الدنيا بكثير، أخرج مسلم (2725) "إن لله مئة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخّر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة " فالمحروم الحقيقي من حرم التسعة والتسعون جزء، وما أعظم جرمه الذي حرمه رحمة الله في الآخرة.
"المتميزة"
***********************************
"إن رحمتي سبقت غضبي " حديث قدسي أخرجه البخاري (5654) قال الطيبي: في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم من غير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا باستحقاق، فالرحمة تشمل الشخص جنينا ورضيعا و فطيما وناشئا قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولا يلحقه من الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك.الفتح ( 6/292).
"المتميزة"
***********************************
الرحمن الرحيم سبحانه، أرحم بعباده من الأم بولدها، فتعرض لرحمته التي وسعت كل شيء، وفي البخاري قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "أترون هذه طارحة ولدها في النار؟" قلنا: لا، قال: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"وفي رواية الحاكم: "ولا الله بطارح حبيبه في النار" جعلك الله من أحبابه.
"المتميزة"
*******************************
تأمل عظم رحمة الله التي أخبر بها جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: " قال لي جبريل لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيّ فرعون مخافة أن تدركه الرحمة"صحيح الجامع، وقال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد، ولو علم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد" متفق عليه.
"المتميزة"
*******************************
تأمل آثار رحمة الله، محمد رحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ومن أسمائه(نبي الرحمة)، والقرآن رحمة (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) والعلم رحمة (آتيناه رحمة من عندنا) والمطر رحمة (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته) وعطفك على ولدك رحمة، وبرك لوالديك رحمة، والجنة رحمة، وفي الحديث القدسي (أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي). فتأمل في آثار رحمة الله من حولك، سبحانه ما أرحمه.
"المتميزة"
*****************************
أوسع المخلوقات عرش الرحمن، وأوسع الصفات رحمته، فاستوى على عرشه الذي وسع المخلوقات بصفة رحمته التي وسعت كل شيء، تأمل (الرحمن على العرش استوى).
"المتميزة"
**************************
لا يليق بمن يؤمن بالرحمن الرحيم أن يقنط من رحمته، مهما تعاظم ذنبه وكبرت معصيته، فما بينه وبين رحمة ربه التي وسعت كل شيء أحد، تأمل (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) وفي الحديث الصحيح: " ثلاثة لا يسأل عنهم: رجل نازع الله رداءه فإن رداءه الكبر، وإزاره العز، ورجل في شك من أمر الله، والقنوط من رحمته" صحيح الترغيب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق