الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

(الأب المربــي)



إن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان في أُبوته حضاريًّا بكل معاني الكلمة،
 فلم يضغط على أبنائه ضغط المتسلطين في اختيار من الاختيارات،
 ولم يمثل في بيته ولأبنائه دور الديكتاتور المرهوب، ولكنه كان يوجههم عن طريق قلوبهم وعقولهم، 
فيستعمل معهم المحبة والإقناع بوصفهما وسيلتين مؤثرتين في تربيته، 
كما لم يتخلَّ عنهم في مواقفهم المختلفة؛ سواء كان ذلك في صغرهم أو بعدما كبروا، 
وهو في كل ذلك يعلم أن ما يفعله إنما هو أنموذج من منهج تربوي سيحتذي به الآباء من أمته من بعده.
من جانب آخر فقد حرص محمد (صلى الله عليه وسلم) على ألا يكون حبه لأولاده سببًا لفشلهم عندما يتركون مسئولياتهم ويعتمدون عليه اعتمادًا كليًّا في شؤونهم، بل ربَّى فيهم مسؤوليتهم الخاصة، وعلمهم أنه لن يغني عنهم شيئًا، 
وكان يقول لابنته فاطمة: «يا فاطمة بنت محمد! إني لن أغني عنك من الله شيئاً»، 
وفي موقف آخر تشكو له ابنته فاطمة من كثرة أعمالها المنزلية مع مرضها، وتطلب منه خادمة لها تُعينها في شأنها،
 فإذا بمحمد (صلى الله عليه وسلم) ينصحها بأن تسبح ربها ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتكبره أربعًا وثلاثين إذا أتت مضجعها للنوم، ويخبرها أن ذلك خير لها من خادم»
.إنه إذن والد يتصرف وفقًا لنظرية تربوية محكمة ومبادئ مقننة لا تنتقصها في حين من الأحيان عواطف الأبوة، 
ولا تهزها مشاعر منفردة.إننا قد نرى كثيرًا من الآباء يتحدث بكثير من الحب عن أولاده وخوفه عليهم،
 إلا أنه يهمل حسن رعايتهم وتربيتهم؛ فيخرجون عاقين له منحرفي الخُلُق والأفكار، 
إلا أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) قد أدرك هذه السقطة التربوية، 
فكان كثيرًا ما يقول لأبنائه: «أنقذوا أنفسكم من النار»


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق